عرض المقال
بهم تشرفت الجائزة
2013-08-27 الثلاثاء
تخيلت لو كانت جوائز الدولة قد تم توزيعها فى زمن وزير الثقافة الإخوانى، الذى كانت كل مؤهلاته التى أهلته لهذا المنصب الخطير هى مقالته النارية الأسطورية على بوابة «الحرية والعدالة» التى دافع فيها عن الإخوان، فكانت بيضة الديك التى فقست وزير ثقافة! كانت جائزة النيل حتماً ستكون من نصيب القرضاوى مفتى «الناتو» وصاحب فتاوى «التيك أواى»، والتقديرية ستذهب مؤكداً للعلامة الفهامة عضو مجلس حقوق الإنسان صفوت حجازى، تقديراً لدوره التاريخى كحمامة سلام على منصة رابعة، ومكافأة على منعه للسكاكين البلاستيك من دخول الاعتصام السلمى! وجائزة التفوق من نصيب الفنان البارع وجدى العربى الذى حرمه زكى رستم وهو ما زال طفلاً فى نهر الحب من القطار اللعبة، فقرر أن يخرج كبته الفنى فى صورة رعاية للأطفال، بتكفينهم أحياء ونقلهم من دار الأيتام التى يملكها لوضعهم كدروع بشرية فى المظاهرات، أما التشجيعية فهى بالطبع مناصفة بين أحمد المغير، الذى لم يعرف الثقافة إلا عندما ضُرب أمام وزارتها، وعبدالرحمن عز الذى سيحصل عليها فى التمثيل، خاصة دوره البارع فى مسرحية رابعة عندما اخترق الرصاص رقبته وهو يستمع إلى الملقن! الحمد لله ذهبت الجوائز هذا العام إلى مستحقيها، الذين شرفت بهم الجائزة، أسماء تضيف إلى الجائزة مصداقية وقيمة ورونقاً وبهاء، الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى، رائد الشعر الحديث المصرى، الذى دشنه مصرياً وأطلق شرارته مع رفيق الدرب صلاح عبدالصبور، والذى لم يكتف بإسهامه الشعرى بل ساهم فى معارك التنوير والحداثة بكل جسارة، وتعرض بسببها للكثير من المشاكل، سيد حجاب مغرد خارج السرب وصائغ وجدان وجواهرجى وعى ومشاعر، لو لم يبدع هذا الشاعر الجميل سوى أغانى مسلسلات الأيام وليالى الحلمية والشهد والدموع وأرابيسك وبوابة الحلوانى لكفاه فخراً وحصاداً وخلوداً، محسنة توفيق بهية المسرح وعاشقته المتيمة، والتى حُرمنا من فنها وإبداعها نتيجة انهيار المسرح المصرى وتحوله إلى «سبوبة»، ونتمنى أن تمسنا كهرباء ووهج سحرها الفنى مرة أخرى، فنشحن بطارية الإحساس والتأمل والجمال، محفوظ عبدالرحمن رائد الدراما التاريخية صاحب اللغة الرصينة والجملة البصمة والحوار الغنى والسرد المخاصم للملل، ندعو جميعاً له بالشفاء ليعود إلينا القلم بدون ألم، داود عبدالسيد، راهب السينما وقديس الفن السابع، الذى ينسج أعماله على مهل بتأنى نحاتى عصر النهضة والذى هبط على كوكب الإخراج السينمائى كبير السن عن جيله، ولكنه هبط كبير المقام، عملاق القامة، محمد ناجى الروائى الجميل المخلص لفن الرواية وكأنه ناسك فى محرابها، البعيد عن صخب الإعلام، لدرجة أنك لو كتبت اسمه على «جوجل» ستجد محمد ناجى جدو مكتسحاً يخرج لك لسانه! كل هؤلاء وغيرهم ممن تضيق المساحة بذكر إسهاماتهم لهم كل الشكر، وألف مبروك لهم ولمصر على عودة وجهها الثقافى المشرق.